home icon work icon education icon city icon

الخروج من الضغط: عن ضغط العمل والتعامل معه

يُعد ضغط العمل مميز شائع للحياة العملية في العالم المعاصر. ما هو الضغط وما الذي يمكن فعله لمنعه والتقليل من آثاره السلبية؟

يُعتبر الضغط في العمل الوباء العالمي للقرن ال-21.
في الولايات المتحدة، أفاد 83% من الموظفين في سنة 2013 عن شعورهم بالضغط في العمل (معطيات المعهد الأمريكي للضغط).
وفي أوروبا أفاد 50% من الموظفين عن شعور كبير بالضغط، والضغط هو السبب وراء حوالي نصف أيام التغيب عن العمل (وفقًا لبيانات الوكالة الأوروبية للسلامة وللصحة في العمل، 2013-OSHA).

في مقالة تم نشرها سنة 2019، استعرضت العلاقة بين الضغط الدائم (المُزمن) في الأسبوعين الأخيرين وبين خسارة يوم عمل واحد على الأقل لدى حوالي 18،000 موظف في الدنمارك، تبين بأن هناك ارتفاع كبير بنسبة 25%-43% (النسبة المنخفضة لدى الرجال والعالية لدى النساء) في خسارة يوم عمل واحد على الأقل والشعور بالضغط.
وهنا أيضًا في إسرائيل، أفاد 46% من الموظفين بأنهم يمرون بضغط نفسي وفقًا لبيانات المسح الاجتماعي الذي أجراه المكتب المركزي للإحصاء في سنة 2016.

ما هو الضغط النفسي؟  

الضغط هو تقييم الفرد بأن طلب معين موجه إليه يستنزف كافة الموارد النفسية التي لديه أو يتخطاها. في حال قدَّر الإنسان بأن الطلب الموجه إليه يُهدد رفاهيته أو يضر بها (على سبيل المثال في إطار العمل – "لا يمكنني الالتزام بالتاريخ المحدد لتقديم التقرير. سأضطر الى العمل في الليل والنهار لكي أنهيه في الوقت المحدد وإلغاء أنشطتي الاجتماعية في الأسبوع المقبل)، يشعر بمشاعر سلبية، مصحوبة بردود فعل فيزيولوجية. يضر تراكم المشاعر السلبية بالصحة النفسية والجسدية، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، بالإضافة لضرر متراكم لموارد التأقلم لدى الإنسان.  

يُفترض بأن حدة الأعراض الجسدية والنفسية تزداد عند ازدياد شدة الأحداث والمواقف الضاغطة، وتيرتها وتأثيرها التراكمي. مع ذلك، هنالك فروق فردية في التأثير النسبي لحالات الضغط المختلفة ومدى التأثُّر من الضغط. 

كيف يؤثر الضغط على صحتنا الجسدية والنفسية؟  

تم إجراء دراسات كثيرة حول تأثير الضغط على علامات الصحة الجسدية والنفسية. من ضمن النتائج التي تم الحصول عليها وُجد بأن الضغوطات تؤثر على الأمراض القلبية، أمراض المسالك التنفسية، أمراض الجهاز المناعي والسكري، وذلك من خلال تأثيرها في زيادة رد الفعل الالتهابي في الجسم. تؤثر الضغوطات كذلك على الصحة والسلامة النفسية، مثلًا من خلال المساهمة في تطور وتفاقم الاكتئاب والقلق.   

تأثير ضغط العمل على المؤشرات التنظيمية

كما وتؤثر ضغوطات العمل سلبًا على المؤشرات التنظيمية: يقل الإنتاج وأداء التنظيم ويزداد التغيب عن العمل، ترك العمل، التعرض للحوادث والإصابات. تُقدَّر التكلفة الإجمالية لضغط العمل للمنظمات وللمجتمع بمليارات اليورو سنويًا في بريطانيا، وفي الولايات المتحدة تتراوح بين 200 و-300 مليار دولار، وذلك بسبب خسارة أيام العمل والمشاكل الصحية الناجمة عن الضغط.    

ما هي مصادر الضغط في العمل؟  

قد ينبع ضغط العمل من المصادر التالية:  

  • ضغط كبير في العمل (الكثير من المهام والقليل من الوقت لتنفيذها)  
  • التضارب بين طلبات مسؤولين مختلفين في العمل (على سبيل المثال: تحديد طلبات متناقضة في نفس الوقت من قبل المدير المباشر وأحد زملاء العمل)  
  • شروط عمل سيئة  
  • انعدام الأمن الوظيفي   
  • مهام غير واضحة ("ليس واضحًا لي ما الذي يتوقعونه مني في العمل")  
  • مسؤولية أقل من اللازم أو أكثر من اللازم في العمل  

التدخلات لضغوط العمل  

الأخبار الجيدة هي أنه هناك ما يمكن فعله! سواءً على مستوى الفرد (أنت كموظف) وأيضًا على مستوى المنظمة (إجراءات معينة يتخذها صاحب العمل). تُقسم التدخلات في ضغط العمل الى ثلاثة أنواع:  

تدخلات أولية – تغيير أسباب الضغط: تتيح تفادي مسببات الضغط وبالتالي تمنع تأثيراته السلبية. على سبيل المثال، تبني أساليب الإدارة والتقسيم الناجع للوقت في العمل، وأساليب صحيحة لإدارة الخلافات بين المسؤولين في العمل. هذه أساليب فردية مخصصة ليتم تطبيقها على مستوى الموظف.  

ومن جانبها، يمكن للمنظمة أيضًا اتخاذ عدد من الإجراءات لتقليل الضغط الذي يعاني منه الموظفين، مثلًا:  

  • تحسين إجراءات التوظيف والتنسيب في المنظمة بحيث يزداد التوافق بين الموظف ومميزات الوظيفة   
  • تزويد الموظف بالتدريب والتوجيه أثناء تواجده في العمل لتوضيح ما هو متوقع منه وما هي متطلبات العمل  
  • تغيير طريقة توزيع المهام على الموظفين لتقليل الضغط على المحطات المكتظة بالعمل أو لدى موظفين معينين  
  • إدخال عنصر التحدي، التنوع والأهمية على الوظائف الروتينية  
  • تحسين القدرة الإدارية لدى المدراء بحيث تُصبح العلاقات الإنسانية بينهم وبين مرؤوسيهم أفضل، وكذلك تحسين التواصل بين المستويات المختلفة في المنظمة   

نصائح للمدراء

  • قدِّموا لموظفيكم تعليقات إيجابية على العمل الجيد! عبِّروا عن تقديركم لجهودهم واستثمارهم  
  • عبِّروا عن دعمكم للموظفين الذين يمرون بأوقات عصيبة  
  • تعاملوا مع الجميع بإنصاف وبدون تحيز   
  • قوموا بتحديد أهداف واضحة وواقعية  
  • كونوا قدوة للموظفين  
  • قوموا بإنشاء بيئة عمل آمنة  
  • قدِّموا برامج عمل مرنة  
  • شجِّعوا اليقظة الذهنية (اليقظة الكاملة) والأنشطة البدنية لمنع الموظفين من الجلوس بشكل متواصل  
  • تأكدوا من أن الموظفين ينامون جيدًا

تدخلات ثانوية تغيير في إدراك الضغط: تغيير الإدراك للحدث أو الموقف بحيث يتم النظر إليه بشكل إيجابي من قبل الفرد. مثلًا: "الوضع ليس سيئًا كما بدا في البداية"، "لقد نجحتُ سابقًا في أوضاع مشابهة". يمكن الاستعانة بأساليب الاسترخاء، الخيال الموجه، اليوغا، التأمل أو اليقظة الفكرية (اليقظة الكاملة) وغير ذلك لتعزيز الهدوء والتعامل بإيجابية أكثر مع الضغط.  

مقطع فيديو عن اليقظة الكاملة وزارة الصحة

بإمكان المنظمة أن تُمرِّر استبيانات لفحص الضغوطات التي يمر بها الموظفين واتخاذ قرارات لطرق تخفيفها. بالإضافة لذلك، يمكن ومن المحبذ تطبيق برامج لتعزيز صحة الموظفين في المنظمة والتي تشمل أيضًا التطرق الى موضوع الضغط. أظهرت الأبحاث بأن برامج كهذه تقلل الغياب وتزيد من رضا الموظفين ورغبتهم في البقاء في المنظمة.  
دليل الصِّحي-صَح في العمل

تدخلات ثالثة: القصد هو معالجة نتائج الضغط بعد حدوثها بالفعل، مثلًا: العلاج الدوائي أو النفسي، برامج العودة الى العمل وإعادة التأهيل الوظيفي بعد التعرض لأزمة.   

تجدر الإشارة إلى أن التدخلات الأولية هي الأكثر نجاعة، نجاعة التدخلات الثانوية متوسطة، ونجاعة التدخلات الثالثة هي الأقل. 

إذًا كيف نبدأ؟ نصائح للخطوة الأولى: يُنصح بالبدء بتشخيص الضغوطات ومصادرها في المنظمة من خلال تمرير استبيانات للمدراء وللموظفين في المنظمة. بعد ذلك، يمكن مناقشة مندوبين عن جميع المستويات في المنظمة بشأن الطرق الناجعة لمعالجة المواضيع التي تم طرحها في الاستبيان. على مستوى الفرد، يمكن الاستعانة بالمعلومات الوفيرة المتاحة في الشبكة بشأن أساليب الاسترخاء، التأمل واليقظة الكاملة.  

لقراءة المزيد

Psychosocial risks and stress at work - European Agency for Safety and Health at Work
Workplace stress
Stress at Work - CDC